كان كارو وليهانا يقفان في مواجهة سرب من صغار القردة الروحية. تلك العيون الصغيرة تراقبهما ببرود، وأجسادها الشفافة تشع طاقة روحية باهتة، بينما الهواء يضج بحركاتها السريعة والخفية. رغم صغر حجمها، كانت هذه القردة تمتلك تنسيقًا غير عادي، كأنها تحاول اختبارهما.
نظرت ليهانا إلى كارو بشك:
"هل نواجههم وأنت لم تمتلك روحًا بعد؟"
كارو، بوجه خالٍ من أي تعبير، رد ببرود:
"لا حاجة لذلك. هذه ليست مخلوقات مكتملة. مجرّد صغار لم تصل بعد إلى المستوى الأول."
لكن ليهانا لم تقتنع.
"حتى لو كانت غير مكتملة، لا تنسَ أن قدرتك في استخدام السيف ما زالت غير كافية."
كارو لم يلتفت لشكوكها. بنظرة حادة وكلمات مقتضبة، قال:
"اتبعيني ولا تخرجي عن أوامري. هنا سنعتمد على العقل، لا القوة."
بدأت القردة بالتحرك بشكل جماعي، ملاحقةً الفراغات بينهما. كانت سريعة، تقفز من شجرة إلى أخرى، متحاشية أي صدام مباشر. كارو فهم على الفور أن هذه المخلوقات تعتمد على التفوق العددي والخداع. لا يمكن هزيمتها في مواجهة مباشرة.
"ليهانا، اجعليهم يلاحقونكِ، ولكن لا تهاجمي. ابقي متحركة طوال الوقت."
بينما كانت ليهانا تلتف حولهم بخفة، ظل كارو ثابتًا في مكانه، يحلل كل حركة. لاحظ أن القردة تتجنب أي شكل من أشكال الصدام، تركز على الإرباك أولًا. "إنهم يتحركون كشبكة، يتحكمون في المساحات لتفريقنا"، فكر كارو.
"علينا أن نقطع هذه الشبكة."
وبسرعة، انطلق كارو نحو الجانب الأيمن من الساحة، متوجهًا نحو نقطة تجمع القردة. لم يكن هدفه مهاجمة القردة مباشرة، بل جرّها إلى نقطة معينة. كان يعلم أن التوزيع الحالي للقردة يمنحها أفضلية كاملة. بتحركات مدروسة، استطاع أن يغير توزيعها تدريجيًا، مما خلق ثغرات صغيرة في صفوفها.
"الآن، ليهانا، تجاهلي التي على اليمين. استديري نحو يسارك بسرعة!" أمر كارو.
فعلت ليهانا كما طلب، فبدأت القردة في فقدان إيقاعها وانقسمت إلى مجموعات صغيرة.
"تلك القردة تعتمد على التوازن بين الهجوم والإرباك. إذا فصلناها، ستفقد التنسيق." قال كارو، وهو يقفز إلى جانب إحدى الصخور الكبيرة، مما جعله في موقع أعلى.
من موقعه المرتفع، استغل كارو المشهد الكامل للمعركة، محددًا نقاط الضعف التي يمكن استغلالها. أعطى إشارة لليهانا للتحرك نحو أحد القردة المعزولة. بينما كانت تهاجم، استغل كارو اللحظة ليهاجم قردًا آخر في الطرف المقابل، مما دفع الباقين إلى التشتت.
"عزلٌ كامل. الآن يمكننا إنهاؤهم واحدًا تلو الآخر."
هجوم كارو كان حادًا ومدروسًا، حيث استغل الثواني الفاصلة بين كل خطوة قام بها. لم يكن يعتمد على قوته البدنية، بل على التوقيت المثالي لكل ضربة. كل حركة كانت تهدف إلى خلق مزيد من الفوضى بين صفوف القردة، مما جعلها تفقد كل قدرة على التنسيق.
عندما كانت القردة في أشد فوضاها، استغلت ليهانا تلك اللحظة لتوجيه ضربة قاتلة إلى البقية. خلال دقائق، تراجع السرب بالكامل، بعد أن فقد كل قوته وتماسكه.
وقف كارو أخيرًا، يتنفس بعمق وهو ينظر إلى بقايا المعركة.
"ليست المسألة في القوة فقط. الذكاء هو الذي يحدد الفائز هنا."
Go to the next chapter what are you waiting for