الكتاب الأول
book1
الفصل الأول: سقوط في الهاوية
من بين جميع المعارك التي عرفت في العالم كانت هنالك واحدة لم تنساها أنفاس الأرض، معركة أحباء الجحيم،
سيد الجحيم، ملكة الحرب والقرمزي الشيطان.
ذلك اليوم قبل ان تسقطت مملكة أنديا
في وسط ذلك الدمار والخراب جثا صاحب الرداء القرمزي امام سيد الجحيم وقال بصوته الهادئ
اول ما وعيت على هذا العالم وجدت نفسي اتخبط في الهاوية، وقفت ورفعت نفسي لأصعد وأبتعد منها صنعت سلم من جثث زملائي ومشاعر أحبائي طوال تلك السنين من دون ان أخسر خطوة واحدة صعدت، وفي اخر درج...
سقطت في الهاوية
قالت تلك التي كانت تقف مع جسد خضع لحرب قوية تمسكُ بسيفها "سقوط في الهاوية! ... إذا كنت تصعد، فأنا كنت دائما بها"
"أبعدتكِ عني طوال هذا الوقت ... في النهاية خسرت كل شيء"
"اذا لنسقط في الهاوية معا، حينها ستكون هاوية جميلة"
......
تقول الأسطورة في عالم بسيط كهذا كان هنالك بلد شاسع المساحة يقع في الجانب الشرقي من العالم، كونفا هذا البلد الذي كان يضم ثلاثة ممالك، التي عاشت لدُهورٍ في صراعلفرض استحقاقاتها، رغم تقسيم الحدود بينهنّ.
كان البلد له تقويمه الخاص نشأ منذ القديم، كل قرن من الزمن يطلق عليه اسم يرمز له بأسطورة ما حدثت، في العقد الأول من القرن البانياوي تشاحنت الممالك بسبب الخلافة، في العقد السابق انتهى الخلِاف لتكون مملكة انديا المسؤولة عن العشائر الخمس، فحينها لن يكون تمرد، أعمال شغب، قطاع طرق وهكذا تكون مملكة انديا المسالمة الموحدة والمُلمة للممالك أكثر قوة واتساعا.
فالعشائر لم تكن تابعة لأحد، لذا في القرن الأول ظهرت مملكة ميرين المجاورة لمملكة انديا، تطالب بأخذ العشائر الثلاث إليها. بعد سماع مملكة موريا بذلك، هموا بالمطالبة بالاستحواذ على العشيرتين المجاورتين لمملكة انديا، وهنا كانت بداية الخلاف بعد أعوام من الهدنة.
كان الرفض قويا من مملكة انديا، فنقضت كلا من المملكتين "ميرين وموريا " الهدنة مع قادة العشائر، واخذوا يتجهون نحوا الشرق ليتم اخذ العشائر بالقوة، متناسين الدمار الذي سيُخَلَف.
أخذت مملكة أنديا تجمع قُواتِها للدفاع عن استحقاقاتها وساعيةً لحماية الأبرياء من الموت. كان صعبا! حماية وقتال في نفس الوقت، انتهى الامر بفقدان العشائر احبائهم وفلذات اكبادهم والتي تعّدُ خسارة فادحة للأخيرة.
تم منع اي احد من مملكة انديا ان يدخل العشائر او المملكات الاخرى، فعم الشوق و الحنين في قلب اقاربهم و زاد الحديث هنا و هناك فمن ناحية العشائر كانوا يفضلون مملكة انديا فكانت الاشبه بموطنهم، فاتفقوا في الخفاء على ان يدعموا مملكة انديا لاسترجاع العشائر، و كما كان الامر.
جمع الملك ليان إيثان الجديد قواته رفقة الجنرال مارديس و اخذ يغزو العشائر رفقة المسؤولين هناك من العشائر، لكن الامر لم يكن سهلا ، فبعض المسؤولين الذين تم رشوتهم منذ سنوات فضلوا المملكتين المجاورتين لهذا عمت الفوضى و نهضت الحرب و قاتل من قاتل جنب الملك.
ذهب عام وجاء عام من حرب وقتال حتى اخذت مملكة انديا جميع العشائر الى جانبها وكانت عشيرة باينا اخر عشيرة تسقط لمملكة انديا.
بعد الحرب القوية استسلمت كلتا المملكتين، فالملك كان قويا وسياسيا ذو بصرة فذة، تفاجئ الجميع من تلك الاستراتيجيات الحربية ومن الجنرال القوي ذاك الذي كان يطيح مئة رجل بضربة واحدة من صولجانه الفضي ذاك.
كان شتاء عاصف وقوي بعدما ان أصبحت مملكة انديا الاوسع لضمها العشائر لها.
لتفادي اي خلافات لدى الأجيال القادمة وقعَ اتفاقين، الأول كان بين الممالك الثلاث بعد تحديد الحدود تعهد الجميع على احترام ذلك وكان كل شيء منصف لا ضغينة ولا حقد.
أما الاتفاق الثاني كان بين العشائر والملك ليان إيثان، حيث تعهدوا على الهدنة والصدق والوفاء والتكامل.
بعد عدة سنوات في حلول الربيع أطلق الملك إيثان مرسوما ينص فيه على انه سيقوم بحفل خاص ليجمع العشائر ويكسبهم أكثر...
لكنه في الحقيقة كان ليعلن عن شيء...
الشيء حيث بدأ كل شيء.
في القصر الملكي ذاك الذي كان يتحلى باحمرار اشد من احمرار أوراق القيقب و زينة من فوانيس بيضاء و شموع تميز المكان، بينما يجري هنا و هناك خدم القصر و هم يهتمون بأمر الزينة أخذ يخطوا أحدهم خطوات وسط ساحة القصر الأولى، كان شابا طويلا بثياب سوداء تصل لركبته و حذاء أسود طويل مع سيف يضعه بجانبه الأيسر كان سيفه الخاص الذي لم يتخلى عنه ابدا حتى في مناسبات كهذه، هذا الشاب الوسيم الذي حتى لو كان الخدم قد رأوه طوال حياتهم فردة فعلهم لم تختلف دائما ما تُسحَر خادمات القصر بجماله، فكان شاب بوجه قاتم وسيم ذو أعين بنية واسعة كأعين الغزال دون ان ننسى شعره الأسود الداكن الذي كان يربطه ربطة ذيل الحصان يزينه تنين فضي من معدن ثمين مع خصلين من ذلك الشعر الحريري تغطي جانبيّ وجهه.
توقف ذلك الشاب في حافة الساحة اين يوجد درج طويل للساحة الثانية حينها سمع خطوات أحدهم واستدار مستكشفا من؟ وعلى الفور تحولت نظرة الجدية والصلابة وتَزَيّن وجهه بابتسامة وبريقٍ في كلتا عينيه تظهر صدق سعادته لرؤية ذلك الشخص، وقال بصوت عالي ليسمعه الأخر " وأخيرا أنت هنا، كنت أموت من الملل وأنا أتجول في القصر أنتظرك ".
توقف أمامه الشاب الأخر وأجابه «انا هنا ولي العهد"
كان الأخير لا ينقصه وسامة، بوجه أبيض شاحب وأنف حاد مع شعر أسود طويل مرفوع الجانبين بخفة ممسكا بهم بزينة فضية من طائر الصقر، كان هو الأخر طويل القامة بثياب طويلة لونها كالأحمر الدامي يزينها رسم لطائر الصقر بالأسود على جميع لباسه.
رغم إنه يضاهي وسامة ولي العهد الأمير الأول إلا أن حضوره في الساحة قلل من عدد الخدم ولم يهتم بوجوده أحد...
هذا الشاب الهادئ الوسيم كان يتميز بشيء واحد، الأعين، كانت عيناه مسحوبة واسعة مع رموش طويلة لكن... بلون مختلف، أعين فضية تتدرج نحو البياض الكريستالي متلألأ، هذا ما جعله مختلفاً ربما.
لم يبالي الشاب بما يدور حوله وهّمَ واقفا بمحاذاة ولي العهد. تحدث ولي العهد بينما يحدق في الساحة الثانية "ها قد جاء الجنرال مارديس رفقة عائلته النبيلة".
تقدم إليهم بعدما أن صعد الدرج رجل ذو طول وببنية قوية، مرتدي لباسا أزرقا قاتما يحيط به ذرع في كلا كتفيه وحزام من جلد قوي يضع فيه سيفا، ذو ملامح قائد لم يغلب قط في ميدان المعركة، رجولي مع لحية سوداء قاتمة وشعر مرتفع بربطة من فولاذ قوي.
وقف الرجل ومن خلفه مجموعة من العائلات النبيلة، وبجانبه فتاة بطول يصل إلى كوع ذراعه.
انحنى القائد ماردس والفتاة باحترام ليبادلهم الشابين نفس الاحترام، فتحدث ماردس بلهجة فخر وهو يقدم الفتاة بجانبه " هذه هي ابنتي إيفا"
نظرت الفتاة نحوهما وتحدثت بصوت محترم ورقيق «سيدي ولي العهد الأمير الأول ليان أيكن، سيدي الأمير الثاني ليان أكسل تشرفت بمقابلتكما"
كانت فتاة بثوب طويل راقي بعدة طبقات تتخلله من لون أبيض ثلجي مع أكمام واسعة تخبئ فيها يديها الرقيقتين، كانت الفتاة بوجه ناعم وحاد، أعين جميلة ولكنها متمردة تماما كنظرة والدها.
تحدث ولي العهد أيكن وهو يحدق بالفتاة " كما هو متوقع من عائلة القائد ماردس، جمال وقوة تتمتع بها العائلة الجبارة "
" نعم فإعتاد ولي العهد على إيفا في ساحة التدريب و ليس في ساحة القصر... اما بالنسبة للأمير الثاني أعتقد أنه هذا هو لقائكم الأول ؟" قال مارديس
نظر الأمير الثاني نحو إيفا لتبادله النظرات هي الأخرى وتتحدث قبله " لا التقيت بسمو الأمير أثناء تجولي في القصر من قبل"
رفع مارديس يده ليضعها على كتف أكسل " فل تترك قليلا كتبك تلك يا ابني وتجول قليلا مع أيكن وإيفا"
ابتسم أكسل وهو يقول " كما يرغب القائد ماردس".
"هنالك ضيوف أخرون خلفنا أعتقد أنهم عشيرة يوان يجب عليكم إلقاء التحية عليهم لذا سأذهب أولا إلى الداخل.
كما كان الحال ألقيا التحية على الجميع وامتلأت القاعة بالجميع، كان الحديث هنا وهناك والكلام الكثير. فجأة عم صمت رهيب ووقف الجميع لينحنوا باحترام، كان الملك ليان إيثان قد تقدم نحو عرشه، بملابسه الحمراء والفضية الثقيلة والمجوهرات من حوله في كل مكان، جلس على العرش بعدما ان أذن للجميع بالجلوس بأريحية، كان الملك إيثان قوي في هيئته ومن أول لمحة تظهر عليه هيبة السلطة وهيئة النبلاء، تماما كأبنائه رغم كبر سنه غير الواضح إلا أنه من رأى وجهه لن يشكك في وسامته.
عم المكان الحديث والحركة، كان متواجد كل من مسؤولين وقادة من العشائر الأخرى، في أحد الأماكن كانت إيفا تمشي باستحياء بينما نظراتها تدل على أنها تبحث عن أحدهم هنا وهناك، توقفت في مكانها وتحدثت مع نفسها بعد بحث طويل " ماذا كنت تنتظرين، حتى لو كان هنا لن أكون قادرة على التحدث معه "
في نفس الوقت، وقف الملك لألقاء خطابه على الحضور، عم الهدوء الأرجاء وانقسم الحشد الاول بمحاذات الاخر.
"في الحقيقة هنالك سبب أخر لهذه المناسبة، فأنا اليوم سأعلن شيء" قال الملك
اندهش الحشد وبقوا في ترقب، ولم يختلف الأمر على ولي العهد والأمير الثاني.
رفع وهو يقول" أنا الملك السابع والعشرين لمملكة انديا، ليان إيثان أطلب من الجنرال ماردس كوليمان يد ابنته لابني صاحب السمو ولي العهد ليان أيكن "
صدم أيكن من ذلك ولم يختلف الأمر عن إيفا ووالدها، بينما كانت ردة الفعل مختلفة للحضور هنالك من فرح وهنالك من تساءل وهو مصدوم وهنالك من كان من تخشبَ دون ابداء اي ردة فعل.
أنهي الملك خطابه قائلا " ما هو جواب القائد ماردس "
تقدم القائد ماردس إلى الأمام ليقف باحترام أمام الملك بينما يحدق في ابنته إيفا، أرسلت له ابتسامة تطمئنه فرفع نظره نحو الملك وتحدث بعد صمت بينما يشعر بترقب الجميع لرده " أنا القائد ماردس... أوافق بكل تواضع على طلب الملك، فهذا شرف كبير لعائلتنا ان نكون على نسب مع العائلة الملكية"
بينما في خاطره يردد انه زواج، حياة طويلة، تبنى على مبادرة وموافقة الشريكين لا بتدخل وتحكم من الابوين...لا ليس بهذه الطريقة.
لكن قول ذلك أمام العشائر سيكون سيء وسيولد احتقار العشائر للقائد ماردس والملك، فعلاقة الملك والجنرال كانت صداقة وطيدة وعدم الموافقة على مثل هذا الطلب يخلق فراغ ويدل على وجود خلاف او توليده، ذلك ما تتطلع إليه العشائر لقلب الطاولة رأسا على عقب.
تبادلا النظرات كل من ولي العهد وايفا، كتمت ضحكتها ليبتسم هو الأخر لها، اما بالنسبة للأمير الثاني كان مبتسما لملاحظته كل ما يجري من حوله خاصة ما يتعلق بالعروسين المستقبليّين