"بقلم أسماء "
تلقت غلينا تربية على كتفها فخرجت من ذهولها, نظرت بصمت الى الشخص الذي لمسها, كانت امرأة مثيرة و ساحرة , بإبتسامة احترافية على وجهها," لقد حان دورك يا سيدتي" نهضت خائفة و سارت خطوتين على عجل, ثم توقفت و قلت" شكرا لكي ... شكرا لكي على التذكير " بقيت ابتسامة المرأة على وجهها و قالت " انت مؤدبة جدا" ليس عليك ان تكوني مؤدبة جدا" احمرت إلينا خجلا, فوجهت المرأة يدها و قالت "عليك فقط المرور من هذا الباب ,هنالك موظفون بالداخل سيهتمون بجميع الاعمال الورقية نيابة عنك" نظرت إلينا اليها و قالت " حسنا , شكرا لكي" كانت خطواتها مرتبكة بعض الشيء , و عندما رأت لافتة "مكتب الزواج" ارتجف قلبها بشكل لا يمكن السيطرة عليه, كان المكتب واسعا و مليئا بالأجهزة الحديثة, يمكن معالجة طلبات الزواج مباشرة عبر الانترنت و بسرعة كبيرة, و لذلك لم يكن هنالك احد بالمكتب,
الكوكب الذي تعيش فيه جميل و متقدم تقنيا, هواؤه نظيف و محيطه جميل, محدود فقط للبشر الأغنياء و من السلالة النبيلة, لا مكان للفقراء او أصحاب الدخل المتوسط ,و أي شخص ذو دخل غير مرتفع يتم ارساله لكواكب أخرى,, لا توجد الجريمة هنا أيضا, , لأنك ان فعلت شيء غير قانوني سيتم نفيك و سجنك على كوكب مظلم اخر, مع ذلك فإن لهذا الكوكب نقاط ضعف, حيث انه ليس كبير بالنسبة لعدد البشر الذين يعيشون فيه, لهذا السبب , سنت المحكمة العليا مجموعة من القوانين, مثل الضرائب على انجاب الأطفال, و تشديد شروط الحق في الإقامة, مما سبب في انخفاض عدد السكان بشكل كبير , فقوبلت تلك الإجراءات بمعارضة كبيرة لينتهي الامر بسحب الاقتراح . احدى الطرق التي حاولت بها الحكومة ضمان استمرارية الزواج هي بتقديم طلب الطلاق شخصيا, و ليس بواسطة الانترنت, فبعد كل شيء , يرغب الجميع بالطلاق بكل سهولة, ووجود شخص ماهر يعتني بهم, يمكن ان يساعد اولئك الذين خاب أملهم, في زيجاتهم على استعادة قلوبهم, و ربما محاولة اصلاح ما يمكن اصلاحه في علاقاتهم و ردأهم عن الطلاق
كانت هنالك امرأة مسنة تجلس بالداخل, بدت لطيفة للغاية, عندما دخلت إلينا نظرت اليها بابتسامة " صباح الخير يا سيدتي", قامت و سكبت لها كاس ماء, جلست إلينا و اخدته منها ,سلمت لها بطاقة الهوية, فأخذتها السيدة العجوز و مررتها عبر الجهاز, فظهرت جميع المعلومات عنها, تغير قليلا وجه المرأة عندما رات ان لقبها يشمل "زوجة الأدميرال" , بحثت في كل المعلومات بلمحة, ثم ابتسمت و قالت "هل جئت لتفسخي زواجك من زوجك الادميرال وليام" تمسكت إلينا بكوب الماء و قالت " نعم" لكنها لم تشعر سوى بالمرارة في صدرها
لتسالها مرة أخرى "أرجوك اخبريني لماذا تريدين فسخ زواجك؟" دفعت بالبطاقة إليها و أكملت كلامها " على الرغم من ان هذه المشكلة تتعلق بالخصوصية, فأنا بموجب القانون, علي ان اعرف التفاصيل , و إلا فقد لا يكون طلبك صالحا"
واصلت شفتيها الصمت للحظات قبل ان تقول" انه لا يشعر بنحوي باي شيء", عبست المرأة قليلا , في الواقع ,لقد إستنتجت هذا الشيء بالفعل عندما فحصت الملف الشخصي, كانت إلينا متزوجة منذ سبع سنوات, و تركت في المنزل دون عمل, بينما طلب زوجها الالتحاق بالعمل في اليوم التالي لزواجهما, و ذهب لكوكب غريب, عاد بعدها بنصف عام, بعد يومين فقط رحيله الثاني, و منذ ذلك الحين, كان الأدميرال في ساحة المعركة بدون توقف تقريبا, حيث امضى في هذا الكوكب خمسة أشهر و ثلاثة ايام فقط في السبع سنوات, و هو رقم رائع لزوجين متزوجين حديثا,
كما ان إلينا تقدمت بطلب لمرافقة زوجها, و حصلت على إذن خاص من الحكومة, لكنها عادت بعد يوم و نصف فقط مع الادميرال, في ضوء هذه الارقام, من المعقول ان نفهم سبب فسخ الزواج, و أنه لا داعي لإقناعها بالعكس, نظرت المرأة العجوز الى الشابة الجالسة امامها, كانت إمرأة جميلة, بوجه ابيض, نوع من السيدات اللواتي سيحبهن الرجال الاخرون, لكن في هذه اللحظة كانت هنالك نظرة قوية من المرارة في تعابيرها ,من الواضح انها مضطربة بالحب, لقد فكرت بالشائعات عن الادميرال وليام, رجل بارد تقريبا بدون مشاعر, و لديه قدرة غير طبيعية في القتال ,و الذي ارتقى من جندي صغير الى منصب رفيع في بضع سنوات فقط, حاول الناس معرفة الهوية الحقيقية لزوجته, لكنهم لم يستطيعوا , وها هي زوجته تجلس امامها, تريد فسخ زواجهم الذي يحسده عليه غيرهم, ضيقت المرأة عينيها و سألت بلهجة ناعمة" يبدو أنك مازلت تحبين السيد الادميرال؟ ألم تحاولي تقوية علاقتك به بطريقة ما" كان الصوت رقيقا و متعبا" نعم... لكنه يكرهني... لا لا يكرهني بأثير إشمئزازه" لقد فكرت بالفعل بجهودها الخاصة, من خلال إجباره , و إغرائه , و اخذ زمام المبادرة , و حتى تتبعه مع المخاطرة بسلامتها, لكن دون جدوى, ظل الطرف الاخر ينظر إليه بلا مبالاة في عينه , عندما رأت تعابير المرأة تنهد قلبها قليلا و خفت صوتها, قالت المرأة" ربما قد تكونين مخطئة , قد يكون , الادميرال بارد بطبيعته , اذا لم يشعر بأي شيء نحوك فربما هو من كان طلب فسخ الزواج اولا, و لم يأتي الى هنا ", قاطعتها إلينا , و شفتيها ترتجف , " سيكون هنا غدا" , شعرت و كأنها فقدت اعصابها, فأخذت رشفة من الماء , كانت المرأة متفاجئة قليلا و قالت" ارجوك كوني اكثر تحديدا" ردت عليها إلينا قائلة" اخبرني ان استعد" لا تزال بإمكانها تذكر ما قاله قبل شهر , أغمضت عينيها و تذكرت عندما تلقت تلك المكالمة , لم يتخذ وليام ابدا زمام الإتصال بها, كان دائما يطلب من سكرتيره او يرسل له بريدا إلكتروني لإخباره إذا حدث شيء ما , كانت متفاجئة و سعيدة لدرجة أنها عندما جاوبت على الاتصال , ورأت ملامح وجه زوجها الوسيم , كادت تبكي للحظة لولا ان جاء صوته البارد يقول" سأعود في الثالث و العشرين من الشهر القادم, لذا يجب ان تستعدي مقدما, و تأتي معي إلى مكان ما" عند سماع المرأة كلام إلينا, نظرت إلي عينيها الحمراوتين, و شعرت بالالم قليلا , وقالت بهدوء "ربما لم يكن زوجك يشير إلى هذا "ضحكت إلينا بشكل بائس و قالت" لا أستطيع التفكير في أي مكان غير هذا " كان لدى الادميرال إرتباطات و علاقات اجتماعية, لكنه لم يأخدها معه أبدا, و لا حتى إلى عشاء العائلة, " هذا هو المكان الوحيد الذي يكون فيه اللقاء اسرع طريقة لفسخ الزواج, دون الحاجة لطلب ذلك مسبقا, و يتم ذلك بمجرد توقيع الطرفين لم يعد مفيدا إقناعها ,عادت عيناها لشاشة , وكانت المستندات كاملة و وعدد الايام التي جمعتهما قليلة, لدرجة جعل العلاقة غير ناجحة, على الرغم من الان النظام يأخذ بعض الوقت للتدقيق قبل الموافقة على طلب الطلاق, إلا ان المرأة بدأت بالفعل في إجراء عملية الطلاق و قبل ان ان تنقر على موافق, سألت " هل انت متأكدة من أنك لا تريدين إعادة التفكير مجددا؟ أرى ان رصيدكي أقل من الحد الادنى , و ليس لديك حساب مشترك مع الادميرال و هذا يعني انك لا يمكنك الحصول على أي نفقة او شيء منه, الان يمكنك البقاء على هذا الكوكب حتى لو كانت اصولك المادية متدنية , بسبب الادميرال و حملك لقب زوجته, بعد ثلاثة اشهر من الطلاق اذا اكانت اصولك مازالت متدنية فسوف يتم ترحيلك من هذا الكوكب" وتابعت بلطف " حلم جميع البشر العيش هنا, اذا تم ترحيلك فسوف يكون من الصعب العودة مرة أخرى"
كانت تعتقد بانه بدل أن يمزقها ويليام, يمكنها اخد زمام المبادرة و ربما ترك انطباع جيد على الجانب الاخر, حتى لو كان ذلك قليلا, و مع ذلك , عندما وصلت لهذه النقطة, لم تستطع تركها , إذا تم الطلاق فلن تستطيع التقرب منه, ولن تتاح لها سماع صوت كلماته الباردة , ربما يوم آخر, ... سأعود, فكرت في هذا و وقفت و قالت" سأفكر في الامر بعد, شكرا لك , اطلقت المرأة الصعداء و إبتسمت على الرحب و السعة
عندما خرجت إلينا كانت وتيرتها لا تزال بطيئة جدا ,كما لو ان قوتها قد نفدت من جسدها, كان هناك الكثير من الازدحام المروري, و العديد من المركبات الطائرة الصغيرة في الجو, لكن لم يكن لها اي وسيلة نقل, كانت على وشك العودة عندما رنت الساعة التي في يدها, كان المتصل سكرتير زوجها, ترددت للحظة قبل ان ترد على الاتصاله , قال السكرتير "سيدتي و لدي بعض الاخبار السيئة, لقد تعرض الادميرال لهجوم من قبل الاعداء, في طريق عودته و اصيب بجروح بالغة" عند سماعها "جروح بالغة" سرت قشعريرة في جسدها و انحسرت حواسها بحيث لم تسمع و لا كلمة واحدة بعدها